آبل

أبل بين الماضي واليوم – الجزء الأول

آبل

الكثير مننا يعلم أن إدارة الشركات تحتاج إلى قائد لديه رؤية لا مدير لديه سلطه والكثير مننا يعلم أن هنالك طرق عده للصعود وجعل الأرباح في الشركة جزء لا يتجزأ من من معادلتها لكن الحقيقة أن النجاح لايعد نجاحاً والقائد لا يعد قائداً حينما تكون وسيلة النجاح في الشركة هي الربح فقط وليست الجودة ، أو جعل الأرباح هدفاً فقط بعيداً عن الأخلاق والمهنية في العمل.

هذه المقدمة هي قصة نجاح أسردها لكم بناء على معطيات قد اطلعت عليها وأحببت أن تشاركوني معها.

كلنا نعلم أن شركة أبل عاشت أياماً مريرة في تاريخها ألزمتها الأحداث أن ترتبط مع منافسيها في سبيل مصلحتها وهذا لايعد بنظري عيباً وإنما ذكاء  ورؤية ثاقبة في سبيل إعادة النظر في الشركة وجعلها تتجه إلى الطريق الصواب.

قصتي تدور حول شركة أبل التي تلقت دعماً من مايكروسوفت سنة 1997 من عدة نواحي أولها دعماً مالياً يقدر بــ150 مليون دولار وطرح نظام أوفس في أجهزة الماك نهاية تلك السنة، وجعل المتصفح انترنت اكسبلورر هو المتصفح الإفتراضي في أجهزتها وتبني تقنية الجافا في أنظمة الماك لدعم بعض برامج ويندوز في أنظمتها وكذلك فتح المجال بين الشركتين للإطلاع على برائات الإختراع في سبيل المصلحة العامة بينهما. لا شك أنها كانت حزمة قاسية نوعاً ما لأبل ولكنها كانت هي الطريقة الوحيدة حتى لاتجبر الشركة على إعلان إفلاسها كماهو النظام الأمريكي يجبرك على ذلك. أعتقد أن القرار كان عين الصواب في سبيل مصلحة الشركة ومصلحة المستثمرين فيها.

ستيف جوبز في تلك الفترة استضاف مؤسس مايكروسوفت بيل جيتس في مؤتمر ماك وورلد إكسبو ليعلن دعمه لهذا المشروع والذي تلقاه محبي أبل بالترحاب والدموع تملأ أعينهم لأن ولائهم للشركة يفرض عليهم حبها ودعمها لها  لا للوقوف مع منافس شرس مثل مايكروسوفت لكن ستيف جوبز كان صاحب رؤية ثاقبة حيال هذا الأمر وقال في نهاية هذا المؤتمر.

“إذا كنا – ويقصد فيها شركة أبل – نريد المضي قدما ونجعل الشركة تزدهر مرة أخرى ، يجب أن نبعد ونتخلى عن  بعض الأفكار التي رسخت في عقولنا وهي الفكرة التي تفيد أنه بنجاح شركة أبل يعني يجب خسارة شركة مايكروسوفت لكن إذا شركة أبل تريد النجاح في هذه المنافسة فشركة أبل تحتاج إلى أن تقوم بعمل جبار ورائع ، وإذا كان هنالك أناس على استعداد لمساعدتنا فهذا شئ رائع جدا ونحن بحاجة إليهم وإذا فشلنا في هذه المهمة فهي ليست مشكلتهم وإنما مشكلتنا نحن.”

“إذا نحن بحاجة مايكروسوفت أوفس في أجهزة ماك ، أعتقد أننا ملزمين بشكر واحترام هذه الشركة ولذلك من هذا المنطلق أعتقد أن الثقافة الراسخة في شأن المنافسة الشرسة  بين مايكروسوفت وشركة أبل تعتبر صرحاًُ من الماضي وليس لها محل بيننا الآن. هذا المنطلق الذي قمنا به هو محاولة لإعادة الحياة لشركة أبل.”

رسالة ستيف جوبز كانت واضحة في هذا المؤتمر ، وطلب وقوف الكبار معه ووقفو لأنه يعلم أنه كشركة أبل وشركة مايكروسوفت هم يشكلون 100% من سوق أجهزة الكومبيوتر فهذه فرصة يجب عدم التخلي عنها كما ذكر في المؤتمر. جميل هي روح التحالف لا للبحث عن مصلحتك الشخصية فقط وإنما لمصلحة العامة ومصلحة الوطن فهم يشكلون عماد أنظمة الشتغيل في هذا القطاع وقرارهم حيال أي أمر واتفاقهم عليه يعتبر نظاماً سارياً على جميع الشركات لأنها هي التي تفرض المعايير القياسية في هذه الأنظمة.

تلك السنة كانت قيمة سهم شركة أبل كانت تتراوح مابين 7 – 4 دولار للسهم الواحد بعكس سهم مايكروسوفت والذي كان يتراوح مابين 14-18 دولار مع الأخذ في عين الإعتبار أن سهم مايكروسوفت قسم أكثر من 7 مرات من سنة 87 حتى 97 أي بمعنى آخر أن السهم كانت قيمته أعلى من 40 دولار في تلك السنة.

تلك السنة كانت مايكروسوفت لديها 9 بليون دولار كاش ولا تحمل أي ديون اتجاه أي شركة بل أنها كانت تحصل على مايقارب 150 مليون دولار كل 15 يوما ً بفعل مبيعاتها بعكس شركة أبل التي كانت متعطشة للسيولة المالية ، والديون التي تراكمت على ظهرها قد أصبحت عبئاً وحاجزاً عن التقدم. لذلك استثمار مايكروسوفت في هذه الشركة كانت تعد لا شئ بالنسبة لقوتهم المالية لكنها كانت فكرة ذكية أيضا ً من مايكروسوفت للاستيلاء على سوق الانترنت في تلك الفترة من شركة أمريكا أون لاين وغيرها.

سردت في هذه القصة بعض الأحداث التي كانت محوراً رئيسيا في شركة أبل في الماضي وسأقوم بالجزء الثاني بسرد بعض الأحداث من تلك الفترة وحتى هذه اللحظة والتي أتمنى أن تنال على إعجابكم.

* الصورة أعلاه من موقع All things Digital

* الأرقام التي استخدمتها في هذا التقرير هي أرقام مأخوذه من التقارير المالية للشركة تلك السنة

* الاقتباسات السابقة هي من مؤتمر وورلد إكسبو في هذا الرابط

الوسوم

29 رأي على “أبل بين الماضي واليوم – الجزء الأول”

  1. اخوي محمد ،،،
    بارك الله فيك ، على هذه المقاله وننتظر تتمة المقال .
    في اعتقادي أن أبل ومايكروسوفت مثل توم وجيري 🙂

    1. حق وواجب وأنا اخوك. هم في الحقيقة مثل توم وجيري لكنهم حينما يعرفون أن التحالف مناسب لأعمالهم فسيتحالفون لمساعدة الآخر….

      لذلك أعتقد أن ثقافة المنافسة هي صرحاً من الماضي وتخيل لو أن شركة مايكروسوفت لم تقم بما قامت به، هل تتوقع أن تكون أبل موجودة في السوق الان ؟ الله أعلم لكن الأرجح لا …

      دروس كثيرة يجب أن نعتبر منها وهي مسألة التحالفات في سبيل المستهلكين ولا أنسى قبل ذلك في سبيل الوطن ! لأنك تساعد على حركة أقتصادية قوية بمنتجاتك وتوظف أعداد هائلة من الناس فهذا أعتقد أنه واجب وطني.

  2. في البداية أودّ أن أشكرك كثيراً على هذه المقالة الرائعة، في الحقيقة الآن هُناك فرق كبير بين مايكروسوفت و آبل، نجاح آبل ليس وليد الصدفة كما ذكرت في المقالة، ولكن هو ناجم عن تخطيطو رؤية بعيدة التي يمتلكها ستيف جوبز، أعتقد أن آبل يُريد الإبداع بينما مايكروسوفت حالياً تُريد النقود و هدفها تجاري .

    تحياتي لك

    1. حياك أخوي فراس
      أولا أشكرك على مرورك وهذا أقل واجب نقدمه لزوارنا في هذه المدونة الرائعة…

      كنت بودي أن أعرف كيف حصلت على هذا الاستنتاج من مقالي أن نجاح شركة أبل هو وليد الصدفة؟ لأني لم أذكر بشكل واضح هذا الشئ على الرغم أنني لا أتفق مع هذا الأمر البتة لأنني مؤمن بما قلت تماماً أنها عبارة عن رؤية وتخطيط وهذا ماذكرته بالضبط بعد الاقتباس الخاص بستيف جوبز

      أتمنى أن تساعدني لأتفادى ذلك في مقالاتي القادمة حتى لايفهم الموضوع بشكل آخر.
      أتفق معاك فيما وصلت إليه في آخر نقطة…

      اشكر مرورك

      1. أخي الكريم محمد ، يبدو أن هُناك خطأ في فهمك لردّي :)، فما قلته أنا أن نجاح آبل ليس وليد الصدفة بل ناجم عن تخطيط و رؤية ! تماماً كما قُلت أنت . يعني أتفق معك أنا
        و حياك الله

  3. السلام عليكم

    على احر من الجمر فى انتظار بقية هذه المقالة الشيقة .

    شكرا لك

  4. الذي يحب القراءة عن تاريخ آبل ومعرفة كل التفاصيل انصحة بقراءة كتاب Apple Confidential 2.0

  5. جميل جدا هذا الموضوع ..
    فهو يتحدث عن قصة نجاح .. نسجها ” ستيف ” في هذه الحياة .. فكان صاحب رؤية .. ونظرة وتخطيط بعيد المدى .. فلماذا العجلة ؟ !!
    انا الآن ادرس في ” الثالث ثانوي ” وبعدها سأتخصص برمجة حاسب آلي .. وسأتعلم كل شيء عن الحاسب بإذن الله .. وادعوا ربي ان يلهمني فكرة انشاء موقع لم ينشئه أحدا قبلي ..
    واطمح الى العمل في احدى الشركتي ” مايكروسوفت ، آبل ” .. والله ولي التوفيق .

    1. الأفكار الرائعة والتي ليس لها مثيل تبدأ بحلم ثم عمل وأنا متأكد أنك من هؤلاء …. أسأل الله لك التوفيق فقيامك بعمل جبار هو شرف لنا كمسلمين وسعوديين وخليجين قبل أن يكون شرفاً لك …. تمنياتي لك بالتوفيق

    2. اخوي علي بركي …
      الله يوفقك في حياتك العلمية والعملية ، ولدي تعقيب بسيط حول طموحك في العمل بإحدى الشركتين ( مايكروسوفت أو أبل )
      هو ما اتمناه ان يكون طموحك ابعد من هذا الحلم لأن لكل دولة زمن ورجال ، فلما لا يكون حلمك بتأسيس شركه خاصه تفوق وتنافس تلك الشركات التي ذكرتهم.
      مجرد وجهة نظر

      1. آمين يارب .. واياك .. ربي يحفظك ..

        طموحي في ان اعمل في احدى الشركتين هو مجرد بداية بإذن الله ..

        سوف اكتسب الخبرة اللازمة .. وسوف اعمل على تأسيس شركتي الخاصة بإذن الله ..

        بعد اختيار فريق عمل ممتاز وقوي ..

        احيي وجهة نظرك اخوي ..

        والله ولي التوفيق ..

  6. يوماَ عن الاخر يزداد اعجابي بـ Apple وتعجبني

    الروح والعزيمة في ستيف جوبز والفكر الذي صنع

    الكثير من اجل المستهلك اولا ً وابل ثانيا ً

    هذه وجهة نظري واعجابي بإبداع هذا الرجل

    خالص الود

  7. موضوع رائع و أنا أحبذ فكرة معرفة تاريخ هذين العملاقين و قصة نجاحهم لأنها تلهم القارئين و الطامحين ..

    و النسبة لموضوع دعم ميكروسوفت لابل عام 1997 .. فهي كانت مقابل تنازل آبل عن القضية التي رفعتها على ميكروسوفت نتيجة سرقة ميكروسوفت لكود Quick Time .. فموضوع الدعم ليس مجرد حب !

    1. حياك الله أخوي محمد ….. بإذن الله القادم أكثر من هذا النوع من المقالات وإن شاء الله تكون محل إعجابك.

      بخصوص تنازل أبل عن القضية فهي صحيحة إلى نسبة ما ولكن ليست كلها عن هذا الموضوع لأن ياعزيزي لو كانت القضية مضمونة نجاحاً لأبل لاستمرت أبل في هذا الموضوع ومايكروسوفت ليست مجبرة فباستطاعتها أن تقول لا ودعو أنظمة الإفلاس تأخذ مجراها الطبيعي.

      صحيح الدعم ليس مجرد حب وهو مالم أذكره بمقالي ففي عالم الأعمال الدعم ليس للحب وإنما للمردود والعائد للمستثمر.

      لم أتطرق لحيثيات موضوع سرقة الكود لأنني لم أجد مقال ينصفني ويعطي الحق حيال هذا الأمر فآثرت في نفسي أن لا أذكره خصوصا أنها قضية وانتهت

      مايهمني هو النتيجة والرؤية لقائد هذه الشركة وبيل جيتس كشخص منتصر مثلا.

      أشكرك مرورك ياعزيزي وسعيد جدا بتواجدك وملاحظتك

      1. In 1997, five years after the lawsuit was decided, all lingering infringement questions against Microsoft regarding the Lisa and Macintosh GUI as well as Apple’s “QuickTime piracy” lawsuit against Microsoft were settled in direct negotiations. Apple agreed to make Internet Explorer their default browser, to the detriment of Netscape. Microsoft agreed to continue developing Microsoft Office and other software for the Mac over the next five years. Microsoft also purchased $150 million of non-voting Apple stock, helping Apple in its financial struggles at the time. Both parties entered into a patent cross-licensing agreement

        from:
        http://en.wikipedia.org/wiki/Apple_Computer,_Inc._v._Microsoft_Corporation

  8. الحقيقه منافسه جميله من اكبر شركتين في هذا المجال
    ومن اشخاص عاديين كانو في يوما ما
    لكن بجدهم وطموحهم وفكرهم اصبحو شخصيات
    يشهد له العالم
    اشكرك اخي وننتظر الجزء الثاني
    بالتوفيق

  9. انا مهتم كثيرا بالكتب ، ولدي مكتبه تعجب بالكتب لكن في بعض الأحيان يصيبني الملل من القراءة ، واثناء تصفحي لمكتبة النيل والفرات وجدت كتابة بعنوان :
    رحلة داخل عقل ستيف جوبز
    http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb172288-135515&search=books
    سوف اقتني هذا الكتاب لقراءته والاطلاع على اهم المحاور

  10. ً“

    جميـل جدّاً ؛

    بانتظـار الجزء الثاني و لعله قريباً ..

    شكراً لكم ”

  11. مشكور على الجهد في اعداد التقرير ، لكن في خطبة ستيف جوبز لحفل تخرج طلاب جامعة ستانفورد في نهاية شهر سبتمبر الماضي ذكر أهم الأشياء والتجارب في حياته

    http://www.youtube.com/watch?v=sYEjn8xtSjs

    – وذكر مثال ابتداءً من الدقيقة 4.00 ولحتى 4.44 وهذا يدل على ابداعات ابل ان يسرق الآخرون جهودك .

  12. تحية طيبة للكاتب

    اكن كل الاحترام والتقدير للعبقري الاسطوري بيل جيتس والمثابر المذهل ستيف جوبز .. فكلاهما يعد من عباقرة هذا الزمن ورواد كبرى الشركات العالمية المتخصصة في التقنية .

    شباب لا ننسى ؟؟ !!
    لولا الويندوز ولا بيل جيتس واهتمامه بالمستخدمين في الشرق الاوسط لما رأينا الكمبيوتر حتى ايامنا هذه .. كا قد يأتيتنا متأخر جدا عن الامم السابقة .

    حيبت الويندوز كثير .. كما احب ايضا الماك

    لا للتعصب .. كلاهما تربطهما علاقة ودية وكل محبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *