قناة الجزيرة تنضم لنادي أعداء آبل !

شاهدت – كما شاهد الكثيرون منكم – التقرير الذي قامت قناة الجزيرة بنشره عن جهاز الآيفون والذي خلص إلى ان أبل تقوم من خلاله بالتجسس على عملائها وبجمع قدر كبير من المعلومات الشخصية ومعلومات أخرى كتحديد موقع مستخدم الجهاز وغيرها، في حال لم تشاهد التقرير بإمكانك مشاهدته بالأسفل :

أولاً وقبل كل شيء، أعبر عن صدمتي الشديدة في قناة الجزيرة التي أخرجت تقريراً لا يشبهها ولا يمت للعمل الإعلامي الاحترافي بصلة !

إن قناة الجزيرة بهذا التقرير المليء بالأخطاء والمعلومات التقنية قد فتحت على نفسها أبوابًا كثيرة من الصعب إغلاقها وفي تقديري أن آبل لن تدع هذا الأمر يمر بسلام وستطالب قناة الجزيرة بالاعتذار عن هذا الخطأ الفادح.

من مشاهدتي للتقرير اتضح لي تماما أن الذين قاموا بإعداده لا يفقهون شيئًا عن الآيفون ولا عن آبل حتى، بل يبدو أنهم لم يستخدموا الآيفون أو أن استخدامهم له كان محدودًا.

سأختصر في السطور التالية الأخطاء التي وقعت فيها قناة الجزيرة ومن ثم أقوم بالرد عليها :

• ادعاء أن آبل تستخدم الآيفون لسنوات طويلة!! كماسح ضوئي للبيانات الشخصية .
• ادعاء الجزيرة بأن آبل اضطرت تحت ضغوطات دعاة حماية الخصوصية للكشف عن هذا الأمر .
• افتراض التقرير أن الآيفون شكل من أشكال الجاسوسية العصرية .
• الحديث عن براءة الاختراع الذي تقدمت به آبل والذي يقضي بملاحقة سارقي الآيفون بأن أبل ادعت (البراءة) ، فهي إنما أرادت بهذا الاختراع التجسس على الناس .
• ادعاء الجزيرة أن المستخدم لا يستطيع استخدام الجهاز ما لم يوافق على شروط اتفاقية الاستخدام من قبل آبل .
• تسجيل آبل لبيانات الذين يقومون بتنزيل برامج عبر متجرها وأين يقومون بذلك .

تقريبًا هذه هي النقاط الأساسية التي تطرق إليها التقرير، وحتى لا أغوص وأتشعب ويضيع معي القارئ الكريم بهذا المقال، سأرد على هذه النقاط نقطة نقطة ، بحسب تسلسلها :

• آبل لم تستخدم الآيفون (لسنوات طويلة) لجمع المعلومات عن مستخدميه والسبب ببساطة أن الآيفون تم إنتاجه لأول مره في عام 2007 ،إلا إن كانت قناة الجزيرة ترى ان الثلاثة سنوات هذه زمناً يجوز وصفه بالطويل .
• لم تقدم لنا قناة الجزيرة أي دليل أو مصدر عن دعاة حماية الخصوصية المزعومون الذين ضغطوا على آبل، الشيء الذي يعتبر من أبجديات العمل الإعلامي والنشر أن تقدم المواد التي تقوم بنشرها مصحوبة بمصادرها ومراجعها الأصلية . إنه تماماً كالعبارة المألوفة التي نسمهعا صباح مساء في القنوات عندما يريدون أن يشيروا إلى مصداقية خبر آو حدث ما بقولهم ( وقد قال الخبراء)، دون أي إشارة لهؤلاء الخبراء وهل هم خبراء فعلاً في ذلك الأمر ؟! .
• إن افتراض قناة الجزيرة بأن الآيفون شكل من أشكال الجاسوسية العصرية يقدح في ذمتها الصحفية وينزل بها إلى حضيض صحف (التابلويد) التي تجنح دائمًا للإثارة دون تقديم أي أخبار أو معلومات مؤكدة وموثقة، وبناءً على ثقافتي القانونية المتواضعة أرى أن قناة الجزيرة بإيرادها لهذه الفرية قد أعطت آبل مسوغًا قانونيًا لا يرقى إليه الشك بمقاضاتها بتهمة تشويه السمعة ونشر أخبار كاذبة .
• كل من يتابع أخبار آبل يعرف أن براءة الاختراع الذي تقدمت به والذي يقوم بتعقب سارقي الآيفون ما يزال في طور التجربة وقد قام موقع آيفون إسلام بنشر تقرير مفصل عن هذا الاختراع في حينه . تسببت قناة الجزيرة بإيهام المشاهد أن هذه التقنية موجودة أصلا منذ اختراع الآيفون لأول مرة وهو شئ غير صحيح أبدًا ويظهر جهل معد التقرير بجهاز الآيفون .
• ادعاء التقرير أن المستخدم لا يستطيع استخدام الجهاز إلا إذا وافق على اتفاقية الاستخدام يظهر بجلاء أن قناة الجزيرة لم تكلف نفسها عناء البحث عن خبراء في مجال الآيفون ليخبروها أن هذا الادعاء باطل من أساسه ! . كلنا يعلم – وأعني مستخدمي الآيفون – أن المستخدم عندما يقوم بعمل جيلبريك لجهازه يكون قد تحلل من أي التزام بآبل يلزمه بتنزيل برامج أو أي خدمة أخرى عبر سيرفرات آبل. إنها معلومة بديهية لكل مستخدمي الآيفون وهو أمر يشكل صداعًا دائمًا لآبل خاصة بعد إقرار قانون يقضي بمشروعية الجليبريك. وأعني هنا بالجيلبريك فتح الجهاز على كل الشبكات واعتماد مصادر أخرى لتنزيل البرامج وليس قرصنة البرامج، الرجاء الانتباه جيدًا لهذه النقطة. ولمعلومات أوفر حول هذا الأمر يمكن الرجوع إلى مدونة iPhone Dev .
• تسجيل آبل لبيانات الذين يقومون بتنزيل برامج عبر متجرها وأين يقومون بذلك. حسنًا ومالمشكلة ؟! كل البرامج في دنيا الإنترنت يتم تنزيلها بنفس الأسلوب والسياسة. معظم شركات البرمجيات لا تتيح لك تنزيل برامجها إلا بعد تسجيل بيانات وهذ أمر طبيعي مربوط بسياسات البيع والشراء وحجم المبيعات والأسواق المستهدفة وما إلى ذلك من أمور تدخل في صلب المنافسة بين الشركات. أنا لا أعلم على وجه الدقة ماذا يعني التقرير بقوله أن آبل تسجل بيانات المكان الذي يقوم المستخدم بإنزال البرامج منه؟! . إذا كانت تعني مكانه الجغرافي فمن المعروف أن تحديد مكان شخص ما عبر الإنترنت لا يحتاج لبيانات شخصية ولا يحزنون، فهناك اكثر من طريقة لتعقب ومعرفة مكان المستفيد من البرنامج المنزل، منها على سبيل المثال الـIP address و الـMAC Address وغيرها .

يتضح لكل الذين شاهدوا هذا التقرير أن قناة الجزيرة قد حادت عن خطها المرسوم بالتزام المهنية والموضوعية وجنحت للإثارة والبلبلة والتشكيك في أمر كان ينبغي أن يُراجع فيه الخبراء وأصحاب الشأن. إن المادة العلمية المتضمنة في هذا التقرير تبين بشكل لافت أن من قام بإعدادها لا يفقه في أمور التقنية الشيء الكثير وإلا لما كان سقط في كل تلك الأخطاء الشنيعة .

إن آبل شركة عملاقة جدًا وناجحة جدًا – من وجهة نظري طبعًا – ولا تربطني بها علاقة لا من قريب ولا من بعيد سوي كوني أحد زبائنها الراضين عنها وعن مستوى خدماتها وأعتقد أن هناك الكثيرين مثلي يوافقونني على هذا الرأي .

لقد ساءني جدًا أن يتعرض كيان كآبل لهذا النقد غير الموضوعي بل والهدام لأنه يصب في مصلحة المنافسين الذين سيستغلون هذه الافتراءات بشكل كبير .

كل الذي أورده التقرير مردود عليه، والسبب ببساطة أن اجهزة الرقابة في الغرب متطورة وناضجة جداً ولا تحتاج – بعد كل هذه السنوات الطويلة – لجهة ما لتنبهها إلى هذا الأمر الخطير، إن رأس المال الحقيقي لآبل هو جودة منتجاتها ومستوى خدمتها الراقي .

لو قامت قناة الجزيرة ببحث وافي لوجدت أن آبل تتقدم كل يوم على منافسيها ولا أدل على ذلك مما ورد في آخر الأخبار بأن نوكيا قد سرحت 1800 من موظفيها بسبب تراجع حصتها عالميًا في سوق الهواتف النقالة .

لقد سجلت مبيعات الآيفون 4 نسبة غير مسبوقة، ففي ظرف شهرين من إنتاجه تم بيع ما يربو على ثمانية ملايين جهاز قبل أن يصل للشرق الاوسط ومناطق أخرى من العالم وبسبب الطلب الكبير جدًا عليه اعتذرت آبل لزبائنها عن تأخر إنتاج الآيفون الأبيض حتى نهاية هذا العام  .

هذا هو السبب الحقيقي الذي صنع لآبل أعداء بعدد أجهزتها المباعة ولكن الغريب أن الوافد الجديد لنادي الأعداء قناة معروفة ملء السمع والبصر.